قوله:{وإذ يمكر بك الذين كفروا} من المكر ،وهو الخداع ،وأن تصرف غيرك عن مقصده بحيلة{[1654]} ،أو هو التدبير في الأمر خفية .والمراد به هما: التدبير وإخفاء المكائد .والمكر من الله هو مجازاتهم بما يستحقونه من العذاب في مقابلة مكرهم وتمالئهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى دينه وعى المسلمين .
وقوله:{ليثبتوك} أي ليحبسوك أو يسجنوك .وقيل: ليوثقوك أو ليشدوك وثاقا .
قوله:{ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} أي ان المشركين يخفون المكايد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولدينه وللمسلمين ،وهم لا ينثنون في كل آن عن التمالؤ عليهم لإبادتهم واستئصالهم إن استطاعوا .وذلك هو ديدن الكافرين من أعداء الله ورسوله والمؤمنين ،لم يبرح طبائعهم المريضة الكيد للإسلام وأهله ؛فإنهم إنما يكرهون في الحياة الإسلام والمسلمين أيما كراهية ؛فهم بذلك يتربصون هم الإذلال والنوازل ،ويجهدون بغير انقطاع أن يفتي الإسلام من الدنيا فناء ،وأن يبدد المسلمون في الأرض تبديدا .لكن الله العلي القدير يمكر بهؤلاء الظالمين المجرمين ؛إذ يخفي لهم ما أعداه من العذاب البلايا وسوء المصير .وهو سبحانه{خير الماكرين} أي أن مكره أشد نفاذا وأعظم تأثيرا من مكر العباد ،ويضاف إلى ذلك أن مكر لله لا يكون إلا بالحق والعدل ولا يصيب إلا من كان مستحقا للجزاء .