وله تعالى:{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه أوعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} هذا بيان لفضل أشرف المسلمين وهم الأوائل .والمراد بهم موضع خلاف ؛فقد قيل: المراد بهم الذين صلوا إلى القبلتين .وقيل: هم أهل بدر .وقيل: هم أهل بيعة الرضوان وكانت الحديبية .وقيل: هم الذين أسلموا قبل الهجرة .وقيل: المراد بالسابقين جميع المهاجرين والأنصار .وهم سابقون لكونهم الأولين بالنسبة لسائر المسلمين .وبهذا تبين فضل الصحابة جمعيا ؛فقد غفر الله لجميهم ،وكتب لهم الجنة والرضوان ،والقرار في الجنان بفضله ذي الرحمة والغفران .سواء في ذلك محسنهم ومسيئهم ؛فهم جميعا مكرمون لشرف الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يقتضي تعظيمهم كلهم وعدم الطعن أو التجريح أو الإساءة إلى أحدهم .
قوله:{رضي الله عنهم ورضوا عنه} يتجلى رضوان الله على المرء في قبول ما قدمه من الصالحات والطاعات .ولئن تقبل الله العمل من عباده فذلكم الفوز العظيم ،والنجاة البالغة الكبرى .وهم إذ يسعدون بقبول أعمالهم وطاعاتهم لا جرم أن ذلك في حقهم خير الأماني ؛بل إنه أقصى ما يأملونه أو يرتجون أن يبلغوه .
قوله:{وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا} لقد أعد الله لهؤلاء السابقين المكرمين دار سلام فيها خير مقام حيث الخيرات والبركات والرحمات من الله ،مما لا تتصوره الأخيلة والأذهان ولا تبلغ مداه إدراكات البشر لفرط ما حوته الجنات من عطاء غير ممون ،ونعيم ثابت مستديم .إن ذلكم لمثله يعمل العاملون ،أولو الألباب والبصائر من عباد الله الراشدين .عن ذلكم لهو{الفوز العظيم} .