قوله تعالى:{أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين 19 الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله أولئك هم الفائزون 20 يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم 21 خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم ) روي عن ابن عباس قوله: قال العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ؛لقد كنا نعمر المسجد الحرام ،ونسقي الحاج ،ونفك العاني ؛فأنزل الله{أجعلتم سقاية الحاج} الآية{[1740]} الساقية والعمارة مصدران ،من سقى وعمر ،كالصيانة والوقاية .وثمة محذوف وتقديره ( أهل ) .أي أجعلتم أهل السقاية الحاج وأهل عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله{[1741]} .والمراد إنكار تسبيه المشركين بالمؤمنين مع ما بينهما من فوق عظيم ؛فالمؤمنون على التوحيد الخالص لله دون أحد سواه ،والمشركون على الشرك والجحود ،مذعنون الوثنية البلهاء ،سادرون في الضلالة العمياء .فلا يسوي بين الفريقين إلا كل مضلل مأفون ،لا جرم أن التسوية بينهما محض ظلم وزور ،ومجانية لقواعد المنطق السليم .وعلى هذا تتضمن الآية توبيخا من الله جل جلاله لأولئك المضللين الذين افتخروا بالسقاية وسدانة البيت مع شركهم وكفرانهم ،فأعلمهم الله أن الفخر إنما يكون في الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيل الله ،وليس فيما افتخروا به من مظاهر شكلية مقرونة بالشرك{والله لا يهدي القوم الظالمين} أي لا يجعل الله التوفيق والهداية لمن كان على الكفر والباطل ،مجانبا لمنهج الله ،حائدا عن التوحيد .