شرح الكلمات:
{استكثرتم}: أي من إضلال الإِنس وإغوائهم .
{استمتع بعضنا ببعض}: انتفع كل منَّا بصاحبه أي تبادلنا المنافع بيننا حتى الموت .
{أجلنا الذي أجلت لنا}: أي الوقت الذي وقت لنا وهو أجل موتنا فمتنا .
{مثواكم}: مأواكم ومَقر بقائكم وإقامتكم .
{حكيم عليم}: حكيم في وضع كل شيء في موضعه فلا يخلد أهل الإِيمان في النار ،ولا يخرج أهل الكفر منها ،عليهم بأهل الإِيمان وأهل الكفران .
المعنى:
أما الآية الرابعة ( 128 ) فقد تضمنت عرضاً سريعاً ليوم القيامة الذي هو ظرف للجزاء على العمل في دار الدنيا فقال تعالى:{ويوم يحشرهم جميعاً} إنسهم وجنهم ويقول سبحانه وتعالى{يا معشر الجن قد استكثرتم من الإِنس} أي في إغوائهم وإضلالهم ،{وقال أولياؤهم من الإِنس} أي الذين كانوا يوالونهم على الفساد والشر والشرك والكفر{ربنا} أي يا ربنا{استمتع بعضنا ببعض} أي كل منا تمتع بخدمة الآخر له وانتفع بها ،يريدون أن الشياطين زينت لهم الشهوات وحسنت لهم القبائح وأغرتهم بالمفاسد فهذا انتفاعهم منهم وأما الجن فقد انتفعوا من الإِنس بطاعتهم والاستجابة لهم حيث خبثوا خبثهم وضلا ضلالهم .وقولهم{وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا} أي واستمر ذلك منا إلى أن انتهينا إلى أجلنا الذي أجلته لنا وهو نهاية الحياة الدنيا وها نحن بين يديك ،كأنهم يعتذرون بقولهم هذا فرد الله تبارك وتعالى عليهم بإصدار حكمه فيهم قائلا:{النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله} ومعنى مثواكم: مقامكم الذي تقيمون فيه أبداً .
ومعنى قوله{إلا ما شاء الله} هو استثناء لبيان إرادة الله الطلقة التي لا يقيدها شيء ،إذ لو شاء أن يخرجهم من النار لأخرجهم أي ليس هو بعاجز عن ذلك ،ومن الجائز أن يكون هذا الاستثناء المراد به من كان منهم من أهل التوحيد ودخل النار بالفسق والفجور وكبير الذنوب بإغواء الشياطين له فإنه يخرج من النار بإيمانه ،ويكون معنى ( ما ) ( من ) أي إلا من شاء الله .والله أعلم بمراده ،وقوله في ختام الآية ،{إن ربك حكيم عليم} ،ومن مظاهر حكمته وعلمه إدخال أهل الكفر والمعاصي النار أجمعين الإِنس والجن سواء .
الهداية
من الهداية:
- ثبوت التعاون بين أخباث والإنس الجن على الشر والفساد .
- إرادة الله مطلقة يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فلا يؤثر فيها شيء .