المفردات:
يا معشر: المعشر: الجماعة المختلطون بالعشرة .
مثواكم: مقركم ومآلكم .
التفسير:
ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ...الآية .
تشير هذه الآيات إلى حوار بين الله سبحانه وتعالى وبين من خرج عن طاعته من الإنس والجن .
والمعنى: وذكر يا محمد الخلائق ،يوم يحشر الله الإنس والجن ،إلى ساحة القيامة ،فيوبخ شياطين الجن قائلا لهم: يا جماعة الجن المفسدين ،قد استكثرتم من إغواء الإنس ،وإضلالهم حتى صاروا في حكم الأتباع لكم ،فلم تكتفوا بضلالكم وكفركم ،بل تجاوزتموه إلى إغواء الإنس .
وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض .
قال الذين أطاعوهم من الإنس:
لقد استمتعنا بارتكاب الملذات وإشباع الشهوات ،التي زينتها لنا الجن ،واستمتعت الجن بطاعة الإنس لهم .
قال أبو السعود:
أي: انتفع الإنس بالجن بأن دلوهم على الشهوات وما يتوصل به إليها ،وقيل: بأن ألقوا إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة .وأما انتفاع الجن بالإنس ،فإن الإنس صاروا أتباعا لهم ،وأطاعوهم ،وحصلوا مرادهم بقبول ما ألقوه إليهم .
وقيل: استمتاع الإنس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم من المفاوز ،والمخاوف ،واستمتاعهم بالإنس ،اعتزامهم بأنهم قادرون على إجارتهم .
وبعد هذا الإقرار الذي لم يجدوا عنه محيصا قالوا في ندامة وحسرة:
وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا .
أي: يوم القيامة الذي أجلته لحسابنا وجزائنا ،حيث بعثنا ،وظهرت لنا قبائح أعمالنا ،التي نستحق العقاب عليها ،لتركنا صراطك المستقيم .
قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله .
قال الله تعالى: النار منزلكم ،ومحل إقامتكم الدائمة ،وأنتم خالدون فيها في كل وقت ،إلا في وقت مشيئة الله بخلاف ذلك ؛لأن الأمور كلها متروكة إليه وخاضعة لمشيئته .
عن ابن عباس قال: في هذه الآية: لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ،لا ينزلهم جنة ولا نارا .
قال أبو السعود:
إلا ما شاء الله .
روى ابن عباس أنه قال: استثنى الله تعالى قوما ،قد سبق في علمه أنهم يسلمون ويصدقون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،وقيل المعنى: الأوقات التي ينتقلون فيها من النار إلى الزمهرير ،فقد روى أنهم يدخلون واديا فيه من الزمهرير ما يميز بعض أوصالهم من بعض ،فيتعاوون ،ويطلبون الرد إلى الجحيم ؛وقيل: يفتح لهم وهم في النار باب إلى الجنة فيسرعون نحوه ،حتى إذا ما وصلوا إليه سد عليهم الباب .
وقد ورد في تفسير المنار ،دراسة مستفيضة حول فناء النار بمن فيها .وهي مسألة خلافية بين العلماء .
ومعنى الآية: إلا وقت مشيئة الله فناء النار وزوال عذابها .
إن ربك حكيم عليم .
أي: حكيم في عقاب الظالمين ،عليم بما في صدوهم فلا تخفى عليه خافية .