خسران النفس ومواجهة الهلاك
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ} فقد واجهوا الهلاك الأبديّ بكفرهم ،مما جعلهم يخسرون كل شيء بخسارتهم قضيّة المصير ،وذلك هو معنى خسارة النفس ،لأن الحياة في العذاب ،لا تمثل حياة ،بل موتاً محتوماً هو أقسى من الموت الطبيعي ،الذي يمنح الإنسان الراحة السلبية لعدم الإحساس معه بالألم والعذاب ،بينما لا يذوق الإنسان المعذب بالنار طعم الحياة ،ولا يملك راحة الميت ،كما جاء في قوله تعالى:{ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا} [ الأعلى:13] ،وتلك هي الخسارة العظمى ،{وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} فلم يحصلوا على شيء منه ،وذهب كل ما افتروه وكذبوا به على الله ،أدراج الرياح ،كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ،لأنه لا يملك من الحقيقة شيئاً ليبقى ببقائها ،ولا يثمر لهم أيّة نتيجة ،في ما استهدفوه من أطماعٍ ومكاسب .