التخلي عن التفكير والإيمان بالخرافة
{قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي ءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} لقد أنكروا عليه الدليل على رسالته ،واعتبروها مجرد دعوى لا ترتكز على أساس ،لأنهم لا يريدون التأمل والتفكير ،في ما يدعوهم إليه من عبادة الله وحده ،والإخلاص له في الطاعة ،والارتباط به في خط السير ،إذ لم تكن قضية دعوتهم للإيمان بنبوته هي المسألة الأولى لديه ،بل كان همه أن يتأكدوا عبر حجتها والدليل من حجتها دون حاجةٍ إلى معجزةٍ أو ما يشبه المعجزة .
ولعلنا نلاحظ في ذلك ،أن الإلحاح كان يرتكز على مضمون الرسالة ،لا على صفة الرسول ،بحيث كانت صفة الرسولية طريقاً إلى الانسجام مع خط رسالته .وهكذا كان إنكارهم للبيّنة منطلقاً من عدم وعيهم للرسالة في ما تحمله من دلائل الصدق ،واعتبارهم المعجزة في خوارق العادة هي الأساس في الالتزام بالدعوة ،لذا رفضوا الابتعاد عن آلهتهم ،وترك عبادتهم باعتبار أن قوله لا يرتكز على دليلحسب زعمهموقد رفضوا الإيمان به ،كمجموعة متضامنة في الوقوف ضدّه .