{سَوَّلَتْ}: زينت .
الصبر الجميل والإحساس بالفرج
لهذا كان رد فعله مختلفاً عما كان أولاده يأملونه ،بعد تقديم كافة البراهين له ،{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا} إن هناك شيئاً ما في هذه القضية ،ولا بد من وجود خلل ما في بعض التفاصيل ،فهو لا يثق بأولاده ،بعد ما صدر عنهم في قصة ولده يوسف .إنّ هناك غموضاً في الجوّ ،وعليه أن يتماسك أمام الفاجعة ،فلا يواجهها بالانفعال السريع ،بل بالصبر ،لذا أعلن لهم عن مشاعره ،وموقفه ،{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} وللصبر نتائجه الطيبة على مستوى عواقب الأمور ،واستطاع الصبر أن يفتح قلبه على آفاق الفرج الكبير في ساحات رحمة الله .
وها هي صورة يوسف تلمع في ذهنه فلا يلمح فيها أيّ شحوب يقربها من أجواء الموت ،وها هي صورة أخيه تلتقي بصورته ،فهل هي صدفةٌ أو أن هناك وحياً ربّانياً يهمس في قلبه أن المشكلة تقترب من الحل ،وأن اللقاء بهما قريب ،وأنّ شمل العائلة سيجتمع في الأجواء الحميمة التي تخفّف الالام ،وتصفّي القلوب ؟؟وهذا ما عاشه يعقوب كنبي يستشرف الغيب ،في مثل لمعة الضوء الخاطفة ،{عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} إنه الإحساس العميق بالفرج القريب الذي يستمده من الله ،{إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} الذي يعلم خفايا الأمور ،ويدبّر خلقه برحمته ،ويحتوي حياتهم بحكمته .