أعمال الكفار لا قيمة لها عند الله
إن قيمة العمل الذي يستحق ثواب الله ،لا تتحدد في طبيعته الذاتية لجهة الكمّ والنوع ،بل تتحدد على ضوء خلفياته داخل وعي الإنسان ،وانطلاقه من الإخلاص لله حباً له والتزاماً بأوامره .فإذا كان وراء العمل غاية ذاتية أو تجارية ،فإنه يفقد قيمته عند الله .وقد ورد في حديث الإمام علي( ع ): «من يعمل لغير الله يعكسه الله لمن عمل له » .فالإسلام يريد أن يؤكد في وجدان الإنسان وفي حياته ،على العمل المنطلق من قاعدةٍ ثابتةٍ في النفس ،تضمن استمرار دوافعه الخيّرة ونهجه القويم ،وتحمي الحياة من الأطماع والأهواء التي تتحكم بالإنسان .
وقد يندرج في إطار العمل لله ،ما ينطلق من الذات دون خلفية تجارية تتطلب ربحاً مادياً أو معنوياً وامتيازات دنيوية ،فإن الظاهر في مثل هذه الحال أنه متأتٍّ عن إيمان راسب في داخل النفس وعمق الضمير ،تحت ضغط مشاكل الحياة أو أمور أخرى تعيق الإحساس بامتداده الروحي في الأعماق .
{مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ} لجهة نتائج أعمالهم التي قاموا بها ،على أساس خط الكفر حيث لا ينطلق الإنسان من قاعدةٍ أخلاقيةٍ أو روحيةٍ ترتبط بالله ،{أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} فلم تُبق منه شيئاً ،{لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ} ،لأن الريح التي عصفت به حوّلته إلى ذراتٍ ضائعةٍ في الفراغ{ذلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ} .وأي ضلال أعظم وأبعد مما يقوم به الإنسان ويجهد نفسه فيه ،من أعمال شاقةٍ ومتعبةٍ دون أن يحصد منها أيّة نتيجة إيجابية في مصيره النهائي ،حيث يحتاج الإنسان إلى كل جهد قام به مهما كان صغيراً .إنه الضياع الذي يمثل الخسارة على كل صعيد .