{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} ،فليس لثمرها وعطائها وقت محدود ،لما أودعه الله فيها من عناصر النموّ الذاتية والقدرة على الاستمرار في التفاعل مع كل العوامل الخارجية المحيطة بها .
فإذا حاولنا استيحاء هذا المعنى في فهم الكلمة الطيبة ،فسنجد أنها تمتد بالعمق من حياة الإنسان ،حيث يوجد ما يصلحه ويقوّيه وينمّيه في دائرة الحق الثابت في الكون ثبات الجذور في الأرض ،لأنه لا يمثل حالةً طارئة أمام فكرة سريعة ،لينتهي بانتهاء تلك الحالة ،بل هو ظاهرة ثابتة مستمدّة من ذاتية القوانين التي أودعها الله في الكون ،كما أنها تمثل الأصول القوية التي تتفرع منها قضايا العقيدة والسياسة والاقتصاد والاجتماع ،وما يتعلق بها من أوضاع وعلاقاتٍ ومواقف ،تستوعب كامل آفاق الحياة العامة ،وتغطي بعطائها الدائم كل ما يحتاجه الإنسان في حركة الوجود من حوله .وهكذا تقدم عملية المقارنة بين الشجرة الطيبة التي يتمثلها الإنسان في حسه ،وبين الكلمة الطيبة التي يتمثلها في وعيه ،توضيحاً للصورة ضمن الأسلوب القرآني في إيضاح حالات الغموض والإبهام .{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ،أن التمثيل الحقيقي لحقائق الأشياء يدفع الناس إلى التذكر عبر التأمل والتفكير العميق المنفتح على الحقيقة .
مثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة
{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} في الجانب الآخر من الصورة ،أي خط السلب في الحياة ،حيث الانحراف عن الخط المستقيم ،نتيجة بعض الرواسب الذاتية أو الاجتماعية التي تبعد الإنسان عن القيم الروحية والإنسانية .