{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً} للفكرة التي تتحرك خارج نطاق الحسّ بالنموذج المتجسِّد في دائرة المادة التي يطالها حسّ الإنسان البصريّ ،ليكون ضرب المثل أسلوباً حيّاً من أساليب تمثُّل الفكرة بطريقةٍ حيّةٍ موحية ،لأن الناس يتمثّلون المحسوسات أكثر مما يتمثلون المعقولات ،الأمر الذي يجعل تشبيه مدلول المعقول بالمحسوس سبيلاً لتقديم المعقول إلى الذهن .وهذا ما درج القرآن على استعماله في تقديم أكثر من فكرة في أكثر من موقع ،بأوضح الأساليب وأقربها إلى الوعي ،بهدف إيصالها .
من هنا استخدمت الآية الكلمة الطيبة بأوسع معانيها ،في مداليلها الفكرية والعملية لجهة ما يتصل بالعقيدة والشريعة والأخلاق ،والمنهج العملي لحركة الحياة من حول الإنسان ،للتدليل على ما يريد الله للناس أن يعيشوه في أفكارهم وعلاقاتهم ومواقفهم العامة والخاصة .
{كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا في السَّمَآءِ} بما يمثله ذلك من عمق في امتداد جذورها في الأرض بمستوى يمنحها القوّة والثبات ،بحيث لا يمكن لأية ريح أن تقتلعها ،مهما كانت قوتها ،ومن ارتفاع في حركة نموّ الفروع وامتدادها في السماء ،