{وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ} على كفرهم وعصيانهم وتمردهم ،وانحرافهم عن طريق الله ،فيحاولون الهروب منه بأية طريقةٍ ممكنةٍ ،ويعملون على تفادي مواجهة هذا الواقع الصعب ،ملتمسين لأنفسهم الأعذار والمبرّرات ،ويطلبون من الله المهلة التي تتيح لهم إمكانية التراجع عن الخط المنحرف الذي ساروا فيه ،ليستقيموا من جديد على خط الله ورسله ،{فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} ،لأن المسألة لم تكن واضحةً في السابق عندما كنا في الدنيا كما هي واضحة الآن .لقد كنا في غفلةٍ عن هذا ،في ما كنا نخوض فيه من مطامعنا وعلاقاتنا وشهواتنا التي كانت تحجب عنا وضوح الرؤية للأشياء ،فلتكن لنا مهلةٌ جديدة ،وليس من الضروري أن تكون طويلة ،لندلّل بها على صدق إيماننا وصحة نظرتنا الجديدة للأمور ،وسلامة موقفنا في السير على الخط المستقيم ،ولكن الله يرد عليهم ذلك ،أن الغفلة لم تكن حالةً لا إراديّة في حياتهم ،بل كانت حالةً متعمّدةً للهروب من الحقائق الواضحة ،ومن مناقشتها بوعي وإخلاص ،كما يريد الله لهم أن يناقشوها .وهذا ما أكده إنكارهم لليوم الآخر الذي عبروا عنه بتشديد النفي ،باليمين المغلّظ الذي كانوا يؤكدون فيه خلودهم{أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ} فهل كانت المسألة صادرة عن حالة اللاّوعي ،أو عن حالة وعي يدرك طبيعة الأمور ولكنه يهرب منها ويتمرّد عليها ؟!ذلك أن الأمور التي تذكركم بزوالكم من الدنيا موجودة