{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} والبينات هي الآيات الواضحة الدالّة على صدق رسالتهم ،والزبر هي الكتب التي تتضمن تعاليمهم وتحفظها للآخرين من بعدهم .وذكر بعضهم أنها متعلقة بقوله تعالى:{وَمَآ أَرْسَلْنَا} بتقدير وما أرسلنا بالبينات والزبر إلا رجالاً نوحي إليهم .وذكر صاحب الميزان ،أنها متعلقة «بمقدر يدل عليه ما في الآية السابقة من قوله:{وَمَآ أَرْسَلْنَا} أي أرسلناهم بالبيّنات والزبر… وذلك أن العناية في الآية السابقة إنما هي ببيان كون الرسل بشراً على العادة فحسب ،فكأنه لما ذكر ذلك اختلج في ذهن السامع أنهم بماذا أرسلوا ؟فأجيب عنه فقيل: بالبينات والزبر ،أما البينات فلإثبات رسالتهم ،وأما الزبر فلحفظ تعليماتهم »[ 1] .وهو تكلُّف لا تقتضيه طبيعة السياق .
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ،تماماً كما أنزلنا على من قبلك من الأنبياء الكتاب ،على أساس ما يمثله من رسالةٍ تشتمل على العقائد والمفاهيم والشرائع التي أراد للرسول أن يتحمل مسؤولية إيصالها وتبيانها للناس ،ليهتدوا بها في حياتهم الخاصة والعامة{وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ذلك أن الرسالات تخلق للإنسان منهج تفكير يقوده لاكتشاف كثير من القضايا المتصلة بالعقيدة والعمل ،ما لا يجعله مجرد متلقٍ للنصائح والتعاليم ،بل يدفعه إلى الانطلاق من تلك التعاليم إلى آفاق الحياة الواسعة بما تحتاجه من فكرٍ يقود التفاصيل إلى الارتباط بالقواعد العامة التي يريد الله لها أن تحكم الحياة كلها .