ولكن الإنسان الذي يكتشف الله في حالة الاضطرار ،ويلجأ إليه من أجل دفع الضر عنه ،لا يستمر على حالته تلك ،بل يتبدّل ويتغيّر عند ابتعاده عن حالة الشدة إلى حالة الرخاء ،ويستسلم مجدداً إلى شهواته ومطامعه ونزواته ،التي تبعده رويداً رويداً عن أصالة الشعور في وجدانه ،فينسى ربه ويغفل عن مسؤوليته ،{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} فيعبدون غيره ،ويلتزمون بغير دينه .ولكن ذلك لا يحكم الوجود الإنساني كله ..فهناك فريق آخر من الناس الذين يحافظون على نتائج الحركة الوجدانية ،في الشعور ومواقع الحركة العقلية في الفكر .ويبقى وعيهم العميق للتوحيد ،حيّاً في ذواتهم ،نابضاً بالحركة والحياة ،وتستمر أفكارهم ومشاعرهم في تغذية التزامهم بالخط المستقيم حتى النهاية ،في مواجهة الخط المنحرف الذي يلتزم به الكافرون الغافلون المستسلمون لشهواتهم