وإذا كان يقتضى عبادة الله وحده في السراء ، ولكن إذا كشف الضر كان من الناس من يشرك بربه ، ولذا قال تعالى:
{ ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ( 54 )} .
{ ثم} هنا على موضعها اللغوي من التباعد بين ما قبلها وما بعدها ؛ إذ إن ذلك كان يقتضي الإيمان ، ولا يقتضي الكفر ، لقد جأروا إلى الله وحده ، ولم يلتجئا إلى غيره ، ولكنهم بعد أن زالت كربتهم ، وكشفت فمتهم أشركوا بربهم ؛ ولذا قال:{ إذا فريق منكم بربهم يشركون} .
هذه ( إذا ) التي تسمى الفجائية ، وهي التي يكون ما قبلها يدل على عدم توقع ما يجئ بعدها ، إذ إن كشف الضر يوجب شكر المنعم والتضرع له وإفراده بالعبودية ، فإذا كان الإشراك كان على مقتضى ما يتوقع ، لقد ضرعوا إليه وحده في شدتهم ، وفي رخائهم كفروا به وأشركوا مع غيره من أحجار أو ما يشبه الأحجار .