قوله تعالى:{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} .
بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن بني آدم إذا مسهم الضر ،دعوا الله وحده مخلصين له الدين ؛فإذا كشف عنهم الضر ،وأزال عنهم الشدة: إذا فريق منهم وهم الكفار ،يرجعون في أسرع وقت إلى ما كانوا عليه من الكفر والمعاصي .وقد كرر جل وعلا هذا المعنى في القرآن ؛كقوله في «يونس »:{حَتَّى إِذَا كُنتُمْ في الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [ يونس: 22] إلى قوله{إِذَا هُمْ يَبْغُونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [ يونس:23] ،وقوله «في الإسراء »{وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ في الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا} [ الإسراء:67] ،وقوله في آخر «العنكبوت »:{فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [ العنكبوت:65] ،وقوله في «الأنعام »:{قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ} [ الأنعام:64] ،إلى غير ذلك من الآيات .
وقد قدمنا هذا في «سورة الأنعام » ،في الكلام على قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ} [ الأنعام:40] الآية .