{تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ}: نقض الأيمان: نكثها ومخالفة مقتضاها .
{تَوْكِيدِهَا}: عقدها .
{كَفِيلاً}: ضامناً الوفاء .
{وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} ،فللعهد الذي يلزم الإنسان به نفسه أمام الله ،حرمة تفرض احترامه معنى وممارسة .وقد أراد الله للإنسان أن يفي بما ألزم نفسه به ،سواء تعلق ذلك بالتزام عملي أو علائقي أو مالي تعهد به تجاه إنسان آخر ،أو تجاه ربّه أو تجاه نفسه ،أو تجاه جهةٍ من الجهات ،إذ يتحوّل الالتزام الشخصي إلى إلزام شرعيّ ،فإن الله يريد للإنسان أن يحترم كلمته في عهده ،فيعتبرها كما لو كانت قانوناً شرعياً ملزماً له في ذاته ،بقطع النظر عن التزامه الشخصيّ به .
ولعل قيمة هذا الإلزام الشرعي ،أنه يجعل للعلاقات الإنسانية بما تحتاجه من معاهداتٍ وأحلافٍ ومواثيق ،قاعدة ثابتة ،يرتكز عليها الناس ويلتزمون بها من موقع القداسة ،وتسهم في استمرارية الحياة على خطٍ مستقيمٍ ؛لأن اهتزاز الالتزام بالعهد ،يفرض الاهتزاز في كل المشاريع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ،ويفقد الناس الأرض الثابتة التي يقفون عليها في تطلّعهم إلى المستقبل .{وَلاَ تَنقُضُواْ الأيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} ،لأن لليمين معنىً مقدّساً يرتبط بالله ،لما يوحيه من تقرير الكفالة الإلهية لما أقسم عليه من فعلٍ أو علاقةٍ ،ما يجعل من نقضه إهانة لحرمة الله ،حيث جعله شاهداً وكفيلاً في قضية لا أساس لها في الواقع ،وهذا ما تعنيه الكلمة القرآنية:{وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} ،فهو من يكفل التزامكم بالعمل ،ويتحمل مسؤوليته ،فكيف يمكن أن تمارسوا ذلك وأنتم عازمون على الإخلال باليمين ونقضه ،{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} ،فهو المطلع على سرائركم في ما تفيضون فيه أو تعزمون عليه ،فراقبوه في كل شيء ؛لأن وراء كل عمل حساباً وثواباً وعقاباً .