استغلال صفة الإيمان
{وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ} ،ركزت الآية السابقة على النقض الذي لا يتناسب مع إعلان الله كفيلاً لمضمون اليمين ،وفي ذلك إساءة إلى مقام الله كونه استعمالاً لاسمه كأداة للخداع وللخيانة ،أما هذه الآية ،فغرضها النهي عن اتخاذ الأيمان سبيلاً لتحقيق الأغراض الذاتية المشبوهة الباطلة ،وفي ذلك انحراف أخلاقي على مستوى الممارسة العملية ،يفقد خط السيرالذي يعتمده الناسثباته ،ويفقد الشخصية توازنها وكذلك الحياة ؛لأن القضايا التي يقدسها الناس ويحترمونها في خطوطهم العقيدية ،هي ضمانة لثبات الأرضية المشتركة التي يقفون عليها ،ويتوافقون على التعامل من خلالها ،وإذا ما انتهكت تلك القداسة ،باستخدامها للخداع والغش ،فقدت تلك الأرضية ثباتها .وهذا ما توحي به الفقرة التالية:{فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} ،ويتحول الانحراف بفعل ذلك إلى خلق جديد يسم شخصية الإنسان بالسوء ،تماماً كما هي حال الخطوات عندما تهتز وتفقد التماسك فتسير إلى الطريق غير المستقيم .{وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ} ،وهو العذاب الذي ينتظركم عند الله يوم القيامة ،ويمكن أن يكون المراد به النتائج السيئة لأعمالهم الشريرة في الدنيا ،{بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} ،بأساليبكم الملتوية التي جسدها أكثر من وجهٍ من وجوه الإغراء والإغواء والخداع والدجل والخيانة ،فأفسدتم العقيدة والسلوك ،{وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ،بحجم الجريمة التي أجرمتموها ،والفساد الذي أحدثتموه في حياة الناس .