{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} وهم يؤمنون بذلك ،ولا يرفضونه ،لأن الذين ينكرون المعاد لا ينكرون وجود الله وخلقه للكون ،بل كل ما هناك أنهم يستبعدون خلق الإنسان من جديد ،فكيف يستبعدون ذلك ،ويغفلون عن أن الله الذي خلق هذه المخلوقات العظيمة ،التي هي أعظم من خلق الإنسان{قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} ،ويحدد لهم نظاماً في مسألة الحياة والموت ؟!
وفي هذه الإشارة إيحاءٌ بأن على الإنسان أن يدخل دائماً في عملية مقارنة بين الأشياء ،في ما لم يألفه من الأفكار التي لا يجد لها تجسيداً في الواقع ،مما يقع في دائرة الغيب ،فيحاول أن يدرس أمثاله ممّا هو مألوف له ،ليتعرف إمكان ذلك من إمكان هذا ،لئلا يحبس أفكاره في دائرة المألوف ،فيمنعه ذلك من الإيمان بالحقائق الثابتة عقلياً في دائرة الغيب .
بخل ذاتيّ معقّد
{وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ} يعيشون الحياة في حدوده ،ويبعثون فيه بعد الموت .وتلك هي الحقيقة التي تفرض نفسها على الإنسان من موقع المقارنة بين الأشياء وأمثالها{فَأَبَى الظَّالِمُونَ} الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعناد{إَلاَّ كُفُورًا} ورفضاً للحق الثابت .وتبقى مشكلة هذا الإنسان التي تفرض عليه الضلال ،وتقوده إلى الانكماش والاستغراق داخل خصوصياته الذاتية ،بعيداً عن رحابة الحياة .وقد يكون من بين مظاهر المشكلة ،هذا البخل الذي يمنعه من الانفتاح على الآخرين في مواقع العطاء ،فينعكس ذلك على نظرته العامة للحياة وللمسؤولية في حركة الواقع من حوله .