{إِمْرًا}: داهية عظيمة .
درس موسى الأول
وابتدأت التجربة ،وبدأ الدرس الأول ...{فَانْطَلَقَا} في الطريق من أجل البحث عن موقع الفكرة على الطبيعة وفي الواقع ،لأن الدرس لم يكن درساً نظرياً ،ليجلسا على الأرض ،وليتحدثا عن القضايا المطروحة في الساحة الفكرية والعملية ،وليحلِّلا تفاصيلها ويدرسا المواقف الحاسمة على أساس ذلك ،بل كان درساً عملياً يتحرك فيه هذا العالم الصالح في الساحة الواقعية ،التي قد يوحي الحدث فيها بشيء ،ولكن العمق الداخلي له يوحي بشيء آخر ،ليترك الفكرة تتفاعل في داخل موسى ( ع ) ،من خلال حالة الاندهاش التي يثيرها الموقف ،فتحفر في عقله ووجدانه وشعوره ،ليصل إلى النتيجة بنفسه ،أو من خلال توجيه العالم له ،بعد أن تترك الفكرة آثارها في عمق شخصيته .ولهذا انطلقا في رحلة البحث عن المعرفة .وربما تحدثا بحديث عابر ،وربما كانا يسيران صامتين يفكر أحدهماوهو موسى( ع )في المجهول الذي يُقبل عليه ،ويفكر الآخروهو العالمفي التجربة التي يريد أن يحركها في الدرس الأول .{حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ} التي مرّت عليهما ،أو ذهبا إلى موقعها في الشاطىء ،واستقر بهما المقام فيها ،{خَرَقَهَا} وأحدث فيها ثغرةً قد ينفذ الماء منها ،وفزع موسى( ع ) من هذا العمل الذي يشبه الجريمة ،وتوترت أعصابه ،لأن ذلك قد يؤدي إلى غرق السفينة عندما ينفذ الماء من هذه الثغرة فيغرقان ،في من يغرق من أهلها من دون أيّ مبرّر شرعي ،فاحتجَّ على ذلك بشدّة ،{قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} ؟كيف تفعل ذلك ؟وكيف تبرّره ؟{لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} أي داهية عظيمة .