ثُمَّ يحدّثنا اللّه عن مصير هؤلاء الذين يتبعون الظالمين فيشعرون بحمايتهم لهم عندما يوحون لهم بأنهم يتحمّلون مسؤوليتهم في كلّ ما يتعرّضون له من صعوبات الحياة ومشاكلها ،وذلك في ما ينقله لنا من مشاهد القيامة] إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ[ فالمتبوعون من الظالمين والكبراء يتهربون من المسؤولية ،فلا يشعرون بأيّة علاقة تربطهم بهم ،وذلك عندما رأوا العذاب ماثلاً أمامهم وهو يقتحم الجميع بمستوى واحد من دون تفريق ،] وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الاَْسْبَابُ[ التي كانت بينهم ،في كلّ ما تمثّله من الصلات التي تقوم على أساس المصالح والعواطف والقرابات ،لأنها لم ترتكز على أساس متين من اللّه ،بل كانت خاضعة للأوضاع الطارئة التي تزول لدى أوّل تحدٍّ من تحدّيات المصير التي تواجه المسؤولين بطريقة حاسمة ليس فيها أيّ انحراف أو لفّ أو دوران ،أو وساطة في ما تعارف عليه النّاس من أساليب الوساطة في الدنيا .
وهنا وقف التابعون ليطلقوا التنهدات والحسرات على كلّ المواقف الخاضعة الخانعة التي كانوا يقفونها لمصلحة هؤلاء في الدنيا ،فيجعلون مصيرهم تبعاً لإرادة الآخرين وشهواتهم وأطماعهم .وانطلقت التمنيات التي تعبّر عن التمزّق النفسي الداخلي ،والحيرة القاتلة ،والشعور بالخيبة الكبيرة للآمال التي تعيش في نفوسهم من خلال العلاقة بهم ،والحقد العميق الذي يحرق الروح بحثاً عن الثأر .