الملائكة يشهدون بعجزهم:
وليس مجرى الأسلوب على تكليفهم بذلك ،لأنَّ الجوّ يتحرّك في مقام إظهار عجزهم ،لا في إظهار كذبهم ،لأنهم لم يكونوا في مجال دعوى العلم بذلك ،] قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ[،فنحن لم ندّع العلم في ما يتجاوز قدرتنا على المعرفة ،لأنك أنت الذي وهبتنا علم ما نعلم بالوسائل التي أودعتها فينا ،ومكّنتنا منها ،فلا مصدر للعلم إلاّ منك ،ولم يكن ما كان منّا اعتراضاً على حكمتك أو تدبيرك ،أو ادعاءً لما لا نملك علمه من شؤون خلقك ،بل كان وسيلة من وسائل اكتشاف حقائق الأمور في ما تخلقه وتبدعه وتدبره .
] إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ[ الذي تملك العلم كلّه ،فلا حدود لعلمك لأنك أنت الخالق لما تعلمه فكيف لا تحيط به .] الْحَكِيمُ[ الذي يتحرّك في تدبيره بالحكمة العميقة الشاملة التي تنطلق من الإحاطة بحقائق الأشياء في ما يصلح أمرها أو يفسده ،وعلينا وعلى العباد كلّهم أن يُسلموا لك كلّ أمورهم في ثقة مطلقة بأنك وحدك العالم بكلّ شيء ،الحكيم في كلّ تدبير .