{فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ}: اطرحيه في البحر .
{أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ} وأغلقيه عليه إلا قليلاً ،{فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} في ماء النهر ،أو البحر ،{فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} بفعل الأمواج ،أو اندفاع التيار في اتجاه الساحل ،{يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ} وهو فرعون ،فتكون قد وقعت في ما هربت منه .ولكن هذا الوحي الإلهي قد خلق عندها نوعاً من الطمأنينة النفسية ،تماماً كما يحدث للإنسان عندما يخضع لفكرة معينة بشكل لاشعوري ،فيستسلم من دون أن يعرف لماذا حدث ذلك ،وكيف تحرك في هذا الاتجاه .وهكذا كانت أم موسى واقعة تحت تأثير هذا الهاجس الروحي الذي صوّر لها المسألة بتفاصيلها المحتملة التي تؤدي إلى الشعور بالأمان في ما يمكن أن يتطور إليه أمر ولدها موسى باتجاه الأمان ،الذي يوحي به القرآن ..
موسى( ع ) في بيت فرعون
{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي} فقد أبصره فرعون ،وأمر خدمه أن يأتوا به إليه عندما وقف التابوت في زاوية من الشاطىء .وما إن أبصره حتى وقع حبه في قلبه ،وبدأ الاستعداد لتدبير من يكفله ويحضنه ويرعاه ويربيه .
{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} أي ليكون صنع شخصيتك ،ونموّ تربيتك ،وحركة حياتك تحت رعاية الله ،وبعينه التي تلاحقه في كل أجواء طفولته الأولى ،في ما أوحى به إلى أمه من تدابير الإنقاذ ،وما أودعه من محبة له في قلب فرعون الذي لم يعرف قلبه الحب للطفولة البائسة المعذبة في شعبه ،وفي ما يدبره له من رجوع كريم إلى أمه من جديد .