{لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاتّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ} أي مما نملك من قدرة مطلقة ،تمنح الأشياء وجودها ،{إِن كُنَّا فاَعِلِينَ} ولكننا لم نتخذ ذلك ولم نرده ،لأننا لا نتخذ شيئاً إلا من مواقع الحكمة التي تخضع لها كل أفعالنا في حركة الوجود السلبية والإيجابية .فليس الأمر ،إذا لم نفعله ،هو النقصان في القدرة ،بل الأمر ،هو ابتعاد ذلك عما يتناسب مع مقام الألوهية في حكمته وغناه وقوته التي لا ينفذ إليها شيء من الضعف .
وقد اعترض صاحب الميزان على هذا التفسير الذي تعرّض صاحب الكشاف لبعض ملامحه ،«وفيه أن القدرة لا تتعلق بالمحال واللهوومعناه ما يشغلك عما يهمك بأي وجه وجّهمحال عليه تعالى .على أن دلالة{مِن لَّدُنَّآ}على القدرة لا تخلو من خفاء » .
ويمكن أن يرد ذلك ،بأن التفسير يرتكز على أساس أن الله لو أراد أن يفعله لما كان هناك أي ضعف في قدرته ،مانع من حصوله ،ولكن طبيعته لا تتناسب مع كماله وجلاله ،وبذلك يكون التعبير وارداً على أسلوب الكناية ،في تصوير رفض المسألة من ناحية المبدأ ،بحيث لو كان ممكناً لكان مرفوضاً ،وهكذا يمكن رد استبعاده لدلالة كلمة{مِن لَّدُنَّآ} على القدرة ،فإنها واردة أيضاً على سبيل اختزان الكلمة للقدرة من خلال دلالتها على ما عند الذات الإلهية من القدرة المطلقة .والله العالم .
وهكذا نجد أن الله لم يخلق الحياة في السماء والأرض وما بينهما لاعباً ،ولو شاء ذلك لكان قادراً عليه ،كقدرته على كل الأشياء ،ولكنه لم يشأ ذلك ولم يرده ،لأنه أراد للحياة أن تخضع للحق في كل مظاهرها وحركاتها بحيث يقفبقوةضد الباطل .