/م16
17 - لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ .
اللهو: الفعل يعمل ترويحا عن النفس ،ومن ثم تسمى المرأة والولد: لهوا ؛لأنه يتروح بكل منهما ،ويقال لامرأة الرجل وولده: ريحانتاه .
من لدنا: من عندنا .
أي: لو أردنا – على سبيل الفرض والتقدير – أن نتخذ ما نتلهى به ؛لاتخذناه من عندنا ومن جهتنا ،دون أن يمنعنا أحد مما نريده ،ولكنا لم نرد ذلك ؛لأنه مستحيل علينا استحالة ذاتية ،فيستحيل علينا أن نريده ،فالآية الكريمة من باب تعليق المحال على المحال ؛لأن كلا الأمرين يتنافى مع حكمة الله ومع ذاته الجليلة .
إِن كُنَّا فَاعِلِينَ .
إن هنا بمعنى ( ما ) أي: ما كنا فاعلين ،والفقرة هذه تذييل لتأكيد امتناع إرادة اللهو عليه سبحانه ؛لأن اتخاذ اللهو يستحيل عليه .
ونقل ابن كثير في معنى الآية ما يأتي:
قال الحسن وقتادة وغيرهما: لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا .اللهو: المرأة بلسان أهل اليمن .
وقال إبراهيم النخعي: لاتخذناه من الحور العين .
وقال عكرمة والسدي: المراد باللهو هنا: الولد وهذا والذي قبله متلازمان ،وهو كقوله تعالى: لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار .( الزمر: 4 ) .فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقا ،ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل ،من اتخاذ عيسى أو العزير1 أو الملائكة ؛سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا .( الإسراء: 43 ) .
وخلاصة المعنى:
لو أراد الله أن يتخذ لهوا كما يتخذ العباد ؛لاتخذه من العوالم المجردة كالملائكة ،لكنه سبحانه منزه عن اللهو ،فقد خلق الكون لحكمة عليا ،وخلق الإنسان وزوده بالسمع والبصر ،وأرسل له الرسل وأخبره بالحساب والجزاء ،فالجد ظاهر في خلق الكون ،واللهو واللعب من شأن العبيد المخلوقين ،لا من شأن رب العالمين .
وقريب من ذلك قوله تعالى: قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ * سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ .( الزخرف: 81 ،82 ) .