{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} وقد ورد الحديث عن ذلك في أوّل سورة الحج ،{فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً} بالطريقة الدقيقة التي ركب الله فيها أعضاء الإنسان ونوّعها وجعل لكل منها دوراً وخصائص ،{ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} متكاملاً في شكله وصورته وفي اتصال أعضائه وتناسقها ،{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} فمهما صنع الناس من الأشياء البديعة المتقنة ،فإنهم لا يبلغون إبداع الله وإتقانه في الخلق ،ودقّة التكوين ،وعظمة القدرة ،وسرّ الحيوية في الشكل والروح والحركة ..وإذا كان هناك قيمة لما يصنعه الناس ،فإن قيمته إنما هي في محاكاتهم خلق الله في ما يشاهدونه منه ،أو يستوحونه من أوضاعه أو يلهمهم الله الاستفادة منه ..وقد نستفيد من ذلك عدم اختصاص كلمة الخلق بالله ،لأن الخلقكما يقالهو التقدير وقياس الشيء من الشيء ،وهو لا يختص به تعالى ،وقد ورد في كلامه سبحانه نسبة الخلق إلى غيره ،وذلك في قوله تعالى:{وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [ المائدة: 110] ،وقوله:{وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} [ العنكبوت: 17] .