{ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} أي بالاستحالة من بياض إلى حمرة كالدم الجامد{ فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} أي قطعة لحم بقدر ما يمضغ{ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً} أي بأن صلبناها وجعلناها عمودا للبدن ،على هيئات وأوضاع مخصوصة ،تقتضيها الحكمة{ فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً} أي جعلناه محيطا بها ساترا لها كاللباس{ ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} أي بتمييز أعضائه وتصويره ،وجعله في أحسن تقويم{ فَتَبَارَكَ اللَّهُ} أي تعاظم قدرة وحكمة وتصرفا{ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} أي المقدّرين ف ( الخلق ) بمعنى التقدير كقوله [ قائلة زهير بن أبي سلمى من قصيدته التي مطلعها:
لمن الدّيار بقُنَّةِ الحِجْرِ **** أَقْوَيْنَ من حِجَجِ ومِن دَهْرِ]:
ولأنت تَفْرِي ما خلقتَ وبع***ض القوم يخلقُ ثم لا يَفْرِي
لا بمعنى الإيجاد .إذ لا خالق غيره ،إلا أن يكون على الفرض .