ويبقى هؤلاء المشركون ،أو الكافرون ،أو الضالّون ،سائرين في غفلتهم ،مستغرقين في شهواتهم ،لا يفكرون بالحاضر إلا من خلال الملذّات الحسية التي يحصلون عليها فيه ،ولا يتطلعون إلى المستقبل إلا على أساس ما يكفل لهم من تحقيق الأطماع المادية والشهوات البهيمية ،فليست للمواقف وللمواقع في أقوالهم وأفعالهم إلا حدود مصالحهم الخاصة الغارقة في ضباب أنانياتهم ،وليست هناك مسؤوليات ينطلقون من خلالها إلى مواجهة قضية المصير بطريقةٍ مستقيمةٍ مسؤولة ،بل هي الأهواء والغرائز على مستوى الحركات والعلاقات ..
{حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} وواجه الموقف الصعب في ساعة الحساب ،وقابل المصير المحتوم في النار وجهاً لوجه{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} لأن الغفلة المطبقة التي كان يعيشها في الدنيا ،كانت تحول بينه وبين إدراك هذا الموقف الذي يعيشها الآن ،ليجني نتائج عمله المنحرف في طريق الكفر والضلال ..وها هو الآن يدرك صعوبة ما هو فيه من مأزقٍ ،ويحاول أن يتراجع عن موقفه ،ليخرج من مأزقه الصعب ،وليصحّح الخطأ الفادح الذي وقع فيه ،ولذا فإنه يطلب مهلةً جديدةً ليؤكد فيها إخلاصه لله ومحاولته السير في خط الاستقامة على أساس الهدى والصلاح .
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} إلى الدنيا وساحة المسؤولية