/م93
99 ،100 - حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ...
كلا: كلمة تستعمل للردع والزجر عن حصول ما يطلب .
من ورائهم: من أمامهم .
برزخ: حاجز بينهم وبين الرجعة .
يظل الكافر والمؤمن العاصي في عمل السيئات ،وطاعة الشياطين ،حتى إذا نزل الموت بساحته وشاهد ما أعده الله للعصاة ،تحركت فيه الرغبة في أن يعود للدنيا ،ليعمل عملا صالحا ،وتتكرر هذه الرغبة عند الحشر ،وعند معاينة جهنم ،وعند العذاب في نار جهنم ،يطلبون في كل هذه المواقف الرجعة إلى الدنيا لتدارك ما فاتهم من العمل الصالح ،لكن الحق سبحانه لا يجيبهم إلى طلبهم ،بل يخبرهم أن طلبهم هذا مرفوض ،ويستمرون في عذاب القبر ،إلى البعث ،ثم يتم الحشر والحساب ،ثم يتوجهون إلى جهنم لاستكمال العذاب .
وقد كرر القرآن مشاهد القيامة وأهوالها ،ومشاهد النار وعذابها ،وتمنى الكافرين أن يعودوا إلى الدنيا ،ليؤمنوا بالله ويصدقوا برسله ،لكنهم لا يجابون إلى ذلك .
قال تعالى: وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ .( إبراهيم: 44 ) .
وقال تعالى: وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .( الأنعام: 27 ) .
وتجد ذلك في الآية 53 من سورة الأعراف ،والآية 12 من سورة السجدة ،والآية 44 من سورة الشورى ،والآية 37 من سورة فاطر ،وهذا كله يدل على أن تمني العودة إلى الدنيا يحدث حال المعاينة للعذاب عند الاحتضار ،وحين النشور وحين الحساب ،وحين العرض على النار ،وبعد دخولهم النار ،ولا يجابون إلى ذلك أبدا قال تعالى:
كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ .
أي: لا جواب لهؤلاء ولا كرامة لهم ،إنها كلمة تخرج من أفواههم ،لا تلقى ترحيبا ولا جوابا ،ويستمرون محبوسين تعذب أرواحهم في البرزخ ،ومن أمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا ،فلا رجعة بعد البعث إلا إلى الآخرة ،وقريب من هذا المعنى قوله تعالى: وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون .( المنافقون: 10 ،11 ) .