{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} فتأخذون القول الذي سمعتموه بطريقةٍ سطحية لا ترتكز على أيّة حالةٍ من التثبّت والوعي والتدبّر ،وتديرون ألسنتكم فيه فينتقل من لسان إلى لسان ،{وَتَقُولُونَ بأفواهكم مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} وهذا هو الخطر في حركة الكلمة في لسان قائلها ،وفي الموقع الذي تنطلق فيه في الدائرة الاجتماعية الصغيرة والكبيرة ،فتثير الأفكار غير الدقيقةفيما إذا كانت الكلمة تحمل فكراً للآخرينوتشوّه الصورة الجميلة ،وتحسّن الصورة المشوّهة ،وتسيء إلى سمعة الأبرياء ،وتنطلق التهمة في حياة الناس الطيبين دون أساس ..
{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً} في ما يوحيه الشيطان إليكم من تهوين المسألة في حجمها الواقعي ،فهي مجرد كلمات تخرج من اللسان وتدخل الأسماع ،وتملأ الوقت ،ثم تتطاير في الهواء ،وليست عملاً ذا نتائج على مستوى الواقع يخلق مشكلةً ويثير مأزقاً ..{وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} لأنه افتراء على الناس الأبرياء ،وتزوير للحقيقة ،واعتداء على أجواء الرسالة ،بما يتضمن من إساءة إلى الأجواء الداخلية لحياة الرسول ،ما يؤدي إلى الخلل في التوازن على أكثر من صعيد ..ثمّ من قال إن الكلمة ليست عملاً ؟فهي قد تكون أخطر من العمل ،فقد تحرق الكلمة المجتمع كله عندما تنطلق انفعالاته في أجواء الكلمة لتشتعل وتتحول إلى نار تحرق الحياة من حولها على أكثر من صعيد .وقد قال الإمام علي ( ع ) في بعض كلماته القصار: «من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه »[ 13] .وقال ( ع ): «ومن علم أن كلامه من عمله قلّ كلامه إلا في ما يعنيه »