/م11
15 - إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ .
تلقونه: تتلقونه ويأخذه بعضكم من بعض ،يقال: تلقى القول: وتلقنه ،وتلقفه .ومنه: فتلقى آدم من ربه كلمات ...( البقرة: 37 ) .
أي: ولولا تفضله ورحمته لمسكم ذلك العذاب ،وقت تلقيكم ما أفضتم فيه من الإفك ،وأخبر بعضكم إياه من بعض بالسؤال عنه ،وقولكم قولا بالأفواه دون أن يكون له منشأ في القلوب يؤيده ،وظنكم إياه هينا سهلا لا يعبأ به ،وهو من العظائم والكبائر عند الله .
وخلاصة ذلك أنه وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام هي:
( أ ) تلقي الإفك بالألسنة ،فقد كان الرجل يلقى أخاه فيقول له: ما وراءك ؟فيحدثه حديث الإفك ؛حتى شاع وانتشر ،ولم يبق بيت ولا ناد إلا طار فيه .
( ب ) أنه قول بلا روية ولا فكر ،فهو قول باللسان لا يترجم عما في القلب ،إذ ليس هناك علم يؤيده ،ولا قرائن أحوال وشواهد تصدقه .
( ج ) استصغار ذلك وحسبانه صغيرا يسيرا هينا ،وهو عند الله عظيم الوزر ،مستحق لشديد العقوبة .
قال الزمخشري:
فإن قلت: ما معنى قوله: بأفواهكم .والقول لا يكون إلا بالفم ؟
قلت: معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب ،فيترجم عنه اللسان ،وهذا الإفك ليس إلا قولا يجري على ألسنتكم ،ويدور في أفواهكم ،من غير ترجمة عن علم به في القلب .
كقوله تعالى: يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ...( آل عمران: 167 ) .
وقيل: إنه توبيخ ،كما تقول: قاله بملء فيه ،فإن القائل ربما رمز ،وربما صرح وتشدق79 .
وقد قيل هذا في قوله تعالى: قد بدت البغضاء من أفواههم ...( آل عمران: ( 118 ) .