{أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} عندما يظلم الكون من حولكم في الليل ،أو عندما تطبق عليكم كل عناصر الظلام الأخرى ،وليس هناك من علامات تدلكم على الطريق ،فهل تدركون من هو الذي يهيّيء لكم أسباب الهدى في ما أودعه من علامات كونية في السماء والأرض ،وما ألهمكم إيّاه من عناصر المعرفة التي تحدد لكم خط السير ،عبر ما تستحدثونه من علامات وتكتشفونه من قوانين في البر والبحر ؟!
{وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًاَ بَيْنَ يَديْ رَحْمَتِهِ} عندما تحسّ الأرض بالظمأ والجفاف ،ويشعر الإنسان بالعطش ،فتأتي الرياح العاصفة لتوحي بأن الأرض سترتوي بالماء الذي يفيض في جنباتها ويملأ خزاناتها ،ويبعث الحياة في حبّات التراب ،وبأنّ الإنسان سوف يجد ما يبلّ به عروقه ،ويعيد إليه الحيوية من جديد .وهكذا تنطلق الرياح لتزرع الحلم في الكون ،ولتدفع بالبشارة إلى وجدانه ،قبل أن تنزل الرحمة وهي المطر الذي يبعث الحياة في أعماق الأرض والإنسان ،ليجتمع الحلم والواقع في نعمة الله .إنه الله وحده الذي يرسل ذلك ،ويفيض على الكون بالرحمة ،فكيف يشرك الإنسان به ؟وهل هناك غيره من يملك ذلك كله ؟{أَءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} لأن كل هؤلاء الشركاء لا يملكون شيئاً من القدرة يقترب من قدرة الله ،فكيف يمكن أن يكونوا شركاء وليس لهم من قدرةٍ إلا من خلاله ؟