وتظل قصة موسى ،ذات الأبعاد المتعددة التي تتحرك في أكثر من موقعٍ للعقيدة وللحركة والحياة ،في ما يتمثل فيها من موقعه وموقفه وتجربته في خط المواجهة لفرعون وقومه كنموذج متحرك لكل المواقع المماثلة التي توحي بها القصة للمستقبل على صعيد الأشخاص والأمكنة والأوضاع .
وقد اختصرت السورة القصة بين البداية في انفتاح موسى على الله من خلال الرسالة في موقع المعجزة ،وبين النهاية في مواجهته للآخرين الذين جحدوا رسالته من موقع التمرد فكانت نهايتهم في أجواء الهلاك .
{إِذْ قَالَ مُوسَى لاَِهْلِهِ} وكان يبحث عن نار للدفء في أجواء البرد القارس ،وقد لا يكون أهله متعددين ،فقد قيل إن امرأته وحدها هي التي كانت معه ،وربما كان معه غيرها ،{إِنِّي آنَسْتُ نَاراً} أي أبصرتها من بعيد{سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ} فيمن يجتمع لدى النار من الناس ،فقد يخبرنا عن الطريق الذي نريد أن نسير فيه ،أو يعرّفنا ما نصنعه في هذه المرحلة من السفر{أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} والشهاب هو الشعلة الساطعة من النار الموقدة ،ومن العارض في الجوّ ،والقبس المتناول من الشعلة ،{لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} أي تحصلون على الدفء من خلاله في هذا المكان البارد .