التّفسير
موسى يقتبس النّور:
يجري الكلام في هذه السورةكما أشرنا من قبلُبعد بيان أهمّية القرآن ،عن قصص خمسة أنبياء عظام ،وذكر أُممهم ،والوعد بانتصار المؤمنين وعقاب الكافرين .
فأوَّل نبيّ تتحدث عنه هذه السورة ،هو موسى عليه السلام أحد الأنبياء «أولي العزم » وتبدأ مباشرةً بأهم نقطة من حياته وأكثرها «حسّاسية » وهي لحظة نزول الوحي على قلبه وإشراقه فيه ،وتكليم الله إيّاه إذ تقول الآية: ( إذْ قال موسى لأهله إنّي آنست ناراً ){[2977]} أي رأيت ناراً من بعيد ،فامكثوا هنيئة ( سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون ){[2978]} .
في تلك الليلة الظلماء ،كان موسى( عليه السلام ) يسير بزوجته بنت النبيّ شعيب( عليه السلام ) في طريق مصروفي الصحراءفهبت ريح باردة ،وكانت زوجته ( أهله ) مُقرّباً ،فأحسّت بوجع الطلق ،فوجد موسى ( عليه السلام )نفسه بمسيس الحاجة إلى النّار لتصطلي المرأة بها ،لكن لم يكن في الصحراء أي شيء ،فلمّا لاحت له النّار من بعيد سُرّ كثيراً ،وعلم أنّها دليل على وجود إنسان أو أناس ،فقال: سأمضي وآتَيكم منها بخبر أو شعلة للتدفئة .
ممّا يلفت النظر أنّ موسى( عليه السلام ) يقول لأهله سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس «بضمير الجمع لا الإفراد » ولعل هذا التعبير هو أنّ موسى ( عليه السلام )كان معه بالإضافة إلى زوجته أطفال أيضاً ..لأنّه كان قد مضى على زواجه عشر حجج ( عشر سنين ) في مدين ..أو أنّ الخطاب بصيغة الجمع ( آتيكم ) يوحي بالإطمئنان في هذه الصحراء الموحشة !.