{فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ الْوَادي الأَيْمَنِ} أي جانبه{فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} التي باركها الله بتكليمه لموسى فيها ،أو بغير ذلك{مِنَ الشَّجَرَةِ} القائمة هنا ،في ما كان يخيّل لموسى أن الصوت ينطلق منها باعتبار أنه كان يتحرك في أجوائها{أَن يا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} .
وكانت المفاجأة المذهلة التي هزّت كيان هذا الإنسان الذي كان يطمع أن يجد في موقع النار دليلاً على الطريق ،وجذوةً للدفء ،فإذا به يجد الفرحة الروحية التي ترفعه إلى المستوى الأعلى في إشراقة الروح والعقل والقلب والحياة ،ليكون دليلاً على خط السير إلى الله ،كما يجد دفء الإيمان والروح .فها هو الله يتكلم معه من دون وسيط ،ويعلن له عن اسمه في صفته الربوبية التي تهيمن على العالمين ،للإِيحاء بأنّ ذلك يعني الاتجاه إلى تنظيم شؤون العالمين من خلال الرسالة التي ستكون بداية الانطلاق للتغيير في العقيدة والمنهج والشريعة .
وهكذا أراد الله له أن يطمئن للموقف الجديد ،فيحس بأنه يتكلم مع الله ،ما يوحي بموقف غير عادي ،لتكون العلامة التي تملأه بالثقة علامةً غير عادية ،مما لا يتمكن أيّ مخلوقٍ بشري أو غير بشري من تحقيقها ،ليكون دليلاً على أن الله هو الذي فعل ذلك كله .