( فلّما أتاها ) أي أتى النّار التي آنسها ورآها ،وجدها ناراً لا كمثل النيران الأُخر فهي غير مقترنة بالحرارة والحريق ،بل هي قطعة من النور والصفاء ،فتعجب موسى من ذلك ( نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إنّي أنا الله ربّ العالمين ) .
«الشاطئ » معناه الساحل .
و«الوادي » معناه الطريق بين الجبلين ،أو ممر السيول .
و«الأيمن » مشتق من «اليمين » خلاف اليسار ،وهو صفة للوادي .
و«البقعة » القطعة من الأرض المعروفة الأطراف .
ولا شك أن الله سبحانه قادر على أن يجعل الأمواج الصوتية في كل شيء ،فأوجد في الوادي شجرة ليكلّم موسى ..وموسى بشر له جسم وأذنان ولابدّ له ليسمع الكلام من أمواج صوتية ..وطبيعي أن كثيراً من الأنبياء كان الوحي بالنسبة لهم إلهاماً داخلياً ،وأحياناً يرون ما يوحى إليهم في «النوم » كما كان الوحي يأتيهم .أحياناًعن طريق سماع الأمواج الصوتية .
وعلى كل حال فلا مجال للتوهم بأنّ الله جسم ،تعإلى الله عن ذلك .
وفي بعض الرّوايات ورد أن موسى( عليه السلام ) حين اقترب من النّار ،دقق النظر فلاحظ أن النّار تخرج من غصن أخضر وتضيء وتزداد لحظة بعد لحظة وتبدو أجمل ،فانحنى موسى وفي يده غصن يابس ليوقده من النّار ،فجاءت النّار من ذلك الغصن الأخضر إليه فاستوحش ورجع إلى الوراء ..ثمّ رجع إليها ليأخذ منها قبساً فأتته ثانية ..وهكذا مرّة يتجه بنفسه إليها ومرّة تتجه النّار إليه ،وإذا النداء والبشارة بالوحي إليه من قبل الله سبحانه .
ومن هنا ومع ملاحظة قرائن لا تقبل الإنكار اتّضح لموسى( عليه السلام ) أنّ هذا النداء هو نداء إلهي لا غير .