{وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ} فلم يكن ذلك من الأمور العادية في حياتك ،أو في حياة الآخرين ،لتفكِّر فيه ،أو لتحلم به ،أو لتترقبه في حركة الواقع من حولك ،{إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} لكن الله أنزله عليك ليكون رحمة منه عليك وعلى الناس كلهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور ،وليجعلك الرسول الذي يحمل شعلة الهداية بيده ،ويحقق الانتصار للدين ليكون كله لله .
لا تكونن ظهيراً للكافرين
{فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ} لأنهم لن يحقِّقوا للحياة إلا الضلال والسقوط ،في ما يفكرون به ،ويتحركون في دائرته ،من كفر وفساد وانحراف وابتعادٍ عن خط الله الذي أراد للناس أن يسيروا عليه ،ما يجعل الانتصار لهم أساساً لانتصار القيم الفاسدة والاتجاهات المنحرفة .
من هنا ،فإن من مهمة الأنبياء والمصلحين أن يبتعدوا عن الانتصار لأي موقف كفر ،في أيّ موقع كان ،وتحت تأثير أيّ عنوانٍ من العناوين العامة والخاصة ،لأن نتيجة ذلك هو إضعاف الإسلام في مواقعه وانطلاقاته في حركة الإنسان في الواقع .
وهذا ما ينبغي للعاملين في سبيل الله أن ينتبهوا إليه ،ليتعاملوا مع الواقع الذي يضغط عليهم للتعاون مع الكافرين بحذر ودقّة ،حتى لا يكون التعاون انتصاراً للكفر والكافرين ،بل يكون مقتصراً على ما يحقق المصلحة الإسلامية العليا ،بمقدار محدّدٍ مدروسٍ في نطاق الخطة العامة ،لأن طبيعة الظروف والحاجات الضاغطة قد تضغط على المسلمين في بعض الحالات ،ليقدِّموا التنازلات السياسية والفكرية والاقتصادية التي تكون نصراً للكفر ومخططاته على أكثر من صعيد .