وفي الآية الثانية ،إعلان عن طبيعة الآيات المتقدّمة في ما تأمر به وما تنهى عنه ،وما تطرح من مفاهيم ومواعظ وإرشاداتٍ وقضايا ،ليعرف النَّاس أنَّها واردة من أجل إيضاح الحقيقة وجلاء المفاهيم ،وإنارة الطريق ،وموعظة الغافل التائه وتذكيره ...وقد اعتبرت ذلك كلّه موجّهاً إلى المتَّقين ،من خلال أنَّ التَّقوى تدفع الإنسان إلى السعي نحو المعرفة باعتبارها مسؤولية فكرية وعمليّة ،وليست ترفاً فكريّاً يمكن للإنسان أن يستغني عنه ،وبذلك يتحوّل البيان لديه إلى وضوح فكري ،والهدى إلى حركةٍ على الطريق المستقيم ،والموعظةُ إلى انفتاحٍ على آفاق اللّه الواسعة في رحاب الحياة ...أمّا غير المتَّقين ،فقد أغلقوا عيونهم عن النور ،وأصمّوا أسماعهم عن كلمات الحقّ ،وجمّدوا عقولهم عن التحرّك في اتجاه الحقيقة .
[ هذا] النداء الإلهي الصادر من موقع الرحمة الواسعة واللطف العميم والفضل العظيم من أجل أن يدعوكم إلى ما يحييكم ويحقّق لكم النتائج الكبيرة في الدُّنيا والآخرة ،[ بيانٌ للنَّاس] ليملكوا وضوح الرؤية للمسؤولية ،[ وهُدى] يهتدون به إلى الصراط المستقيم ،[ وموعظةً] تليّن قلوبهم وتفتحها وتلطّف مشاعرهم وأحاسيسهم ،وتوجّه خطواتهم إلى الطريق السوي ،[ للمتَّقين] الذين يخافون مقام ربّهم ويخشونه ولا يخشون أحداً إلاَّ اللّه .