/م72
فهو الذي [ يختصُّ برحمتِهِ من يَشاءُ] بحسب حكمته [ واللّه ذُو الفضلِ العظيمِ] ،وهو صاحب الفضل العظيم على النّاس كافةً ،وليس لأحد غيره أيّ فضل .فمنه الفضل وإليه يرجع كلّ شيء سبحانه وتعالى عمّا يُشركون .
الآية في حركة الدعوة إلى اللّه:
أمّا ما نستوحيه من هذه الآيات ،فهو التحرّك الواعي من أجل رصد النماذج المماثلة في الساحة الدينيّة والاجتماعيّة والسياسيّة ،فقد يُحاول الكثيرون أن يخلقوا الارتباك والتشويش والبلبلة في صفوف المسلمين بالأساليب المماثلة لهذا الأسلوب ؛فلا بُدَّ لنا من الوقوف أمام ذلك كلّه بالمنطق القرآني الذي يبعث الثقة في نفوس المؤمنين ويوجههم إلى الاعتماد على اللّه في ذلك كلّه ،ويوحي إليهم بأنَّ هذه الأساليب لا تضرّ أحداً إذا كان على بيّنة من أمره ،ويدفعنا إلى التأكيد على أسلوب التوعية للمسلمين في عقائدهم ومفاهيمهم لئلا يضلوا من حيث لا يعلمون .
وقد نستطيع أن نستفيد من هذا كلّه أنَّ أعداء اللّه قد يكتمون كثيراً من حقائق الإيمان الموجودة في الساحة من أجل أن لا تكون حجّةً عليهم في الدُّنيا والآخرة ،أو لا يبرز لخطوط الإسلام فضلٌ من فكر أو عمل ؛ليظهروا أمام النّاس أنَّهم أصحاب الفضل ،فلا فضل لغيرهم في أيّ جانب من جوانب الحياة .وفي هذه الحالة لا بُدَّ لنا من أن نحتفظ لأنفسنا بجوّ الثقة الذي نستطيع من خلاله أن ننهزم نفسياً أمام هذا الإنكار للخصائص الذاتية الكامنة فينا ،عندما نلتفت إلى اللّه ،فنعرف أنَّه صاحب الفضل علينا وعلى الآخرين ،فهم لا يستطيعون أن يقدّموا أو يؤخروا شيئاً في الموضوع ،ولا يمكنهم إخفاء ما يريد اللّه إظهاره ،أو إظهار ما يريد اللّه كتمانه ؛فإنَّه ولي الأمر في كلّ شيء .