{وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} في ما تتعاملون به من الربا الذي تبتغون به تنمية أموالكم وزيادتها مما حرّمه الله ،أو في ما تقدمونه إلى الناس من عطيّةٍ لا تقصدون بها وجه الله ،بل أن يمنحكم ذلك الموقع الذي ترتفعون به عند الناس لتحصلوا على مقابله ،أو لغير ذلك في تفسيرٍ آخر ،{فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللَّهِ} أي فلا يزيد عند الله بالحصول على ثوابه الذي قد يكون نوعاً من أنواع تنمية المال في حسابات الآخرة ،لأنكم لم تقصدوا وجهه ،ولم تستهدفوا ثوابه ،فليس لكم شيء عنده من خلال ذلك .{وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} في ما تعطون منه ذا القربى والمسكين وابن السبيل ونحوهم من ذوي الحاجة ،امتثالاً لأمر الله في ما يأمركم به من ذلك ،أو في ما يحبه منه ،{فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} الذين يضاعف الله لهم مالهم في الدنيا في ما يحققه لهم من رزق واسع ،أو ما يمنحهم في الآخرة من ثوابه الذي يضاعفه لهم ،فيعطي الحسنة عشر أمثالها ،ويعطيهم بالحبة سبعمائة قابلة للزيادة .
وقد ورد في الكافي بإسناده عن إبراهيم اليماني عن أبي عبد الله «جعفر الصادق( ع ) » قال: الربا رباءان: ربى يؤكل وربى لا يؤكل ،فأمّا الذي يؤكل فهديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ،فذلك الربا الذي يؤكل ،وهو قول الله عز وجل:{وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِى أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللَّهِ} وأما الذي لا يؤكل ،فهو الذي نهى الله عنه وأوعد عليه النار .
وقد ورد عن الإمام علي أمير المؤمنين( ع ): إن الله فرض الزكاة تسبباً للرزق ،وعن فاطمة الزهراء( ع ): فرض الله الزكاة زيادةً في الرزق .
وقد ذكر صاحب تفسير الميزان أن تفسير الربا بالربا المحرّم ،والزكاة بالزكاة الواجبة ،مبنيٌّ على أن الآية من الآيات المدنية ،أمَّا إذا كانت من الآيات المكية ،فلا بد أن يراد به الربا المحلّل والزكاة المستحبة .
ويتابع كلامه فيقول: «وهذه الآية والتي قبلها أشبه بالمدنيات منهما بالمكيّات ولا اعتبار بما يدعى من الرواية أو الإجماع المنقول »