وتبقى مسألة الشرك هي المسألة الأهم التي يثيرها القرآن في ضمير الناس ،وفي وعي وجدانهم العقلي والشعوري ،ليثير أمامها مسألة التوحيد كعقيدةٍ تفرض نفسهامن خلال الحقيقةعلى العقل والوجدان والضمير .
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} وهذه هي الحقيقة التي لا تستطيعون الشك فيها ،لأنكم لم تخلقوا أنفسكم ولم يخلقكم أحد من هؤلاء الذين من حولكم{ثُمَّ رَزَقَكُمْ} فهو الذي هيّأ للرزق وسائله ،في ما خلقه في الأرض وأنزله من السماء ،وفي ما أعطاكم من قوّةٍ ،ولم يكن للآخرين من ذلك إلا دور الأداة ،{ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} فهو الذي جعل للموت أسبابه ،من خلال ما أودعه من قوانين الموت والحياة في حركة النظام الكوني ،{ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} وهذا هو ما أثاره الوحي الإِلهي الذي بلّغه الرسل في مختلف رسالاتهم مما يثبت العقل إمكانه ،ويفرض ضرورته .
{هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شيْءٍ} في ما يملكون من قدرةٍ أو يمكن أن يقوموا به في نطاق هذه الأمور{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} فهو الله الواحد الذي لا يدانيه أحد ،ولا يملك أيّ مخلوق ما يقترب فيه من قدرته .