/م38
{وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فاولئك هم المفلحون .}
المفردات:
ربا : زيادة وفضلا والمراد به: الهداية التي يتوقع بها مزيد مكافأة .
فلا يربو عندالله : فلا يزيد عند الله فهو مباح ولكن لا ثواب فيه .
الزكاة : الصدقة ،لأن السورة مكية والزكاة فرضت في المدينة أو مطلق الإنفاق .
المضعفون : الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء .
التفسير:
للمفسرين في هذه الآية رأيان:
الأول: أن الربا في الآية يراد به: الهدية يقدمها إنسان إلى الأغنياء يرجو أن يعوضوه أحسن منها وهذا مباح وإن كان لا ثواب فيه لأنه قصد بهديته ثواب الدنيا والتربح منها فقد أخذ عوضه من الناس .
الرأي الثاني: أن الآية نزلت في الزيادة التي حرمها الشارع .
قال ابن عباس:
الربا نوعان: ربا لا يصح وهو ربا البيع .
وربا لا بأس به وهو هدية الرجل يريد فضلها وإضعافها ثم تلا هذه الآية: وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله .
وقد رجح القاسمي أن هذه الآية في التحذير من الربا المحرم وذكر خمسة أدلة:
الأول: أن هذه الآية شبيهة بقوله تعالى: يمحق الله الربا ويربي الصدقات ....( البقرة: 276 ) وهي في ربا البيع الذي كان فاشيا في أهل مكة ،حتى صار ملكة راسخة فيهم امتصوا بها ثروة كثير من البؤساء مما خرج عن طور الرحمة والشفقة ،والكمال البشرى فنعى عليهم حالهم طلبا لتزكيتهم بتوبتهم منه ثم أكد ذلك في مثل هذه الآية مبالغة في الزجر . xiv
وقد استرسل القاسمي في ذكر أدلة على أن الآية يراد بها الربا الذي حرمه الله تعالى بعد ذلك تحريما قاطعا وأن المقصود من الآية التنفير من الربا على سبيل التدرج في التشريع حتى إذا جاء التحريم النهائي له تقبلته نفوس الناس بدون مفاجأة لهذا التحريم . xv
وقال الألوسي: الظاهر أن المراد بالربا هنا الزيادة المعروفة في المعاملة التي حرمها الشارع ويشهد لذلك ما روى السدي من أن الآية نزلت في ربا ثقيف كانوا يرابون وكذلك كانت قريش تتعاطى الربا .
ورجح الزمخشري في تفسير الكشاف أن المراد بالآية تحري الربا وبيان أن الله لا يبارك للمرابي في ماله بل يبارك للمزكي والمتصدق .
{وما آتيتم من زكاة تريدون به وجه الله فأولئك هم المضعفون .}
ومن أعطى صدقة أو زكاة يقصد بها وجه الله خالصا فله الثواب المضاعف والجزاء الأفضل عند الله تعالى .
قال تعالى: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ...( البقرة: 245 ) .
وقال سبحانه: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم ....( الحديد: 11 ) .
وقد أخرج البخاري ،ومسلم ،والنسائي ،والترمذي ،وابن ماجة ، وابن خزيمة في صحيحه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"........ وما تصدق أحد بعدل ثمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمان بيمينه فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه او فصيله حتى تصير الثمرة أعظم من حبل أحد ". xvi