{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ} في ما أردناه من توضيح حقائق العقيدة والشريعة والحياة ،بمختلف الأساليب التي قد تعمل على توضيح الفكرة بشكلٍ مباشر ،أو من خلال تقديم الفكرة المماثلة التي يوحي مضمونها الصادق بصدق الفكرة المطروحة .فليس للإنسان أيّ عذر في الكفر والضلال من هذه الناحية ،لأن المسألة لا تحتمل الغموض في الأسلوب وفي المضمون ،ولكن المشكلة أن بعض الناس من أمثال هؤلاء المشركين لا يكلفون أنفسهم عناء التفكير والتأمل والمناقشة العلمية الموضوعية ،بل يبادرون إلى إلقاء الأحكام الارتجالية السريعة ،المنطلقة من مواقع الانفعال من جهةٍ ،أو من مواقع الانحراف الاختياري عن الحق ومحاولة مواجهته بالاتهام الظالم ،من جهة أخرى .
الإصرار على الجحود
{وَلَئِن جِئْتَهُمْ بَِايَةٍ لَّيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ} ،إنهم يطلقون هذا الحكم على الموقف كله ،من دون أن يثيروا أيّ إشكالٍ فكريٍّ في المضمون ،ليبحث المتهمون أو المحكوم عليهم ،مدى جدّية هذا الإِشكال وصدقه ،تماماً كما هي الطريقة المتّبعة لدى الذين يملكون السلطة الغاشمة والقوّة الظالمة ،عندما يريدون مواجهة الدعوات التي تدعوهم إلى العدل والحق والخير ،فإنهم يستغلّون مواقعهم المتقدمة ،ليوجهوا إلى المظلومين والمحقين والخيّرين الاتهامات بالظلم والباطل والشرّ ،ليدافعوا عن أنفسهم بهذه الطريقة الانفعالية الكاذبة ،