{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ} حلو لذيذ{فُرَاتٌ} بارد يروي الظمأ{سَآئِغٌ شَرَابُهُ} يسهل انحداره في الحلق لعذوبته{وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} شديد الملوحة أو المرارة{وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً} وهو السمك ،وقيل السمك والطير البحري{وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} من اللؤلؤ والمرجان والأصداف .وقد أثار المفسرون التساؤل حول اختصاص اللؤلؤ والمرجان بالماء المالح ،وهو البحر ،فلا يوجد منهما شيء في المياه الحلوة في الأنهار ،ولكن الظاهر وجودهما فيه كما ذكر في بعض دوائر المعارف ،مع ملاحظة أن الحلية التي يتزين بها الناس لا تختص باللؤلؤ والمرجان ،فربما تتحقق بغيرهما مما يستعمله الناس من ذلك .
{وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} تجري فيه فتشق عباب الماء{لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} في ما تتطلبونه من الرزق عن طريق البحر{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} على النعم التي يرزقكم الله إياها .
مع العلاّمة الطباطبائي في الميزان
وقد ذكر في تفسير الميزان أن في هذه الآية تمثيلاً «للمؤمن والكافر بالبحر العذب والمالح يتبين به عدم تساوي المؤمن والكافر في الكمال الفطري ،وإن تشاركا في غالب الخواص الإنسانية وآثارها ،فالمؤمن باقٍ على فطرته الأصلية ينال بها سعادة الحياة الدائمة ،والكافر منحرفٌ فيها متلبّسٌ بما لا تستطيبه الفطرة الإنسانية وسيعذَّب بأعماله ،فمثلهما مثل البحرين المختلفين عذوبةً وملوحةً ،فهما مختلفان من حيث البقاء على فطرة الماء الأصلية وهي العذوبة والخروج عنها بالملوحة ،وإن اشتركا في بعض الآثار التي ينتفع بها ،فمن كلٍّ منهما تأكلون لحماً طرياً ،وهو لحم السمك والطير المصطاد من البحر ،وتستخرجون حليةً تلبسونها كاللؤلؤ والمرجان والأصداف » .
ونلاحظ على ما ذكره ،أن الظاهر من الآية ورودها في سياق الحديث عن آيات الله الكونية في ما تمثله من دلائل التوحيد وعظمة القدرة ،ولا ظهور لها في ما ذكره من خلال المضمون والسياق .