{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ} بما أودعه من الخزانات الجوفيّة التي تتجمع فيها ،وفق القوانين التي أودعها الله في الكون ،لتتم عملية توزيع المياه وتفجير الينابيع ،فتنبثق الحياة الخضراء النامية من التراب الميّت الذي يتحولبقدرة اللهإلى بذورٍ حيّةٍ تختزن في داخلها سرّ النموّ وحركة الحياة ،فتتفاعل في خصائص الأرض والماء والهواء ،{ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ} رغم وحدة الماء والتراب والهواء ،فكيف اختلفت الألوان ،وكيف تنوعت الأشكال ،وكيف تباينت الخصائص ...وتبدأ عملية النمو في التكامل ،{ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً} عندما يجف النبات ويبلغ نهايته في اليبوسة ،{ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً} فيتحول إلى فتاتٍ يتطاير في الهواء ،{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأوْلِى الألبابِ} الذين لا يمرّون مروراً عابراً على هذه الظاهرة الكونية المتحركة المتعدّدة التي تجمع الماء في أعماق الأرض ،ثم تبدع الحياة النامية في التراب حتى يتحول إلى نباتٍ يزدهر ويخضرّ ويؤتي أُكُلُه في فترة محدودة ،ثم يموت ليعود إلى تراب ،بل يفكرون في مبدع ذلك ،ليعرفوا أنه الله الواحد الخالق الحكيم القادر المدبر ،فعقولهم ترفض احتمال الصدفة ،أو عدم وجود خالق لهذا الإبداع العظيم الرائع .