{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وهو كنايةٌ عن توجّه العذاب إليه بحيث لا مجال لاتّقائه ودفعه عن نفسه بأيّة وسيلةٍ إلا بوجهه الذي يمثّل العضو الذي يندفع الإنسان لحمايته بالدرجة الأولى ،ما يعني أنه لا يستطيع حماية نفسه منه ...والمقصود إثارة هذا النموذج في مقابل النموذج الآخر الذي يوحي به المعنى ،وهو الآمن الذي استطاع بتقواه أن يدفع عن نفسه العذاب بعمله المتحرك في خط إيمانه ،ليعيش الإنساندائماًفي هاجس المقارنة بين مستقبل هؤلاء وهؤلاء ،كعنصر أساسٍ من عناصر التصور الواعي للمستقبل الذي يحدد للإنسان موقفه في الحاضر .
{وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} فقد كان كل كسبهم في الدنيا الكفر الذي اكتسبوه بعنادهم وتمردهم من دون حجّةٍ ولا برهان ،والعصيان الذي انحرفوا فيه عن خط الاستقامة الذي يربطهم بأمر الله ونهيه ،ولم يكن هناك أيّ أساسٍ معقولٍ لذلك سوى الاستكبار الذي عاشوا في داخله شعور العظمة الكاذبة الموهومة ،في ما يختزنونه في داخل نفوسهم من تصوّراتٍ غير واقعية .