ثم بدأ في إثارة الخوف بالمقارنة بين ما يملكون من قوّةٍ وسطوةٍ ،وبين ما يصوّره موسى من قوّة الله المطلقة التي لا يملكون إزاءها أيّ دفاعٍ لأنها فوق ذلك كله:{يا قَومِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرْضِ} في ما تملكونه من غلبة وعلوٍّ في الموقع وفي السلطة ،ولكن ما حجم قوتكم هذه ،مهما كانت كبيرةً ،أمام قوّة الله الذي يهددنا موسى بعذابه{فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَآءنَا} فأخذنا بعذابه ،فهل نستطيع دفاعاً ،وهل نستطيع مواجهة بأس الله لتكون لنا الغلبة ،أو لندفع عن أنفسنا العذاب ؟!
* * *
فرعون يطلق حكمه المتعسف
ولم يشأ فرعونفي ما يظهرأن يجيب عن هذا اللّون من الكلام ،بل استعمل أسلوب الحاكم الذي يطلق حكمه من دون مناقشةٍ ،بأسلوب حاول فيه التخفيف من تأثير كلام المؤمن عليهم ،معلناً للناس أنه يريهم ما يراه ولن يهديهم إلا سبيل الرشاد{قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَى وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ} فتلك قضية لا ينتظر لها جواباً ،لأن دور الأتباع أن يتلقّوا كلامه ،كحقيقةٍ لا تُناقش ،كما يفعل كل الطغاة أمثاله ،في عمليةٍ إيحاء بما يملكونه من قوة تطلق أوامرها من الموقع الأعلى الذي يفرض الطاعة على الجميع .