وهنا نلمح حدوث تجاذبٍ وصراعٍ بينه وبينهم ،فقد حاولوا في ما يبدو منعه من الانطلاق بعيداً في هذا الاتجاه ،وجرّه إلى حياتهم وملذاتهم وشهواتهم ،ولكنه ظل صامداً في موقفه ،يشرح لهم الفارق بين دعوته ودعوتهم ،فهو يدعوهم إلى الجنة وإلى السعادة ،وإلى النجاة في الدنيا والآخرة ..أمّا هم ،فإنهم يدعونه إلى السير مع شخص لا يشكّل الارتباط به آية ضمانةٍ للحياة ،بينما يمثّل الارتباط بالله كل المعاني الخيّرة الطيّبة عندما يعيش الإنسان معها عزيزاً في ظل عزّة الله ،مطمئناً إلى مصيره في ظل غفران الله .
{وَيا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} من النار{وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} فقد كانوا يحاولون جرّه إلى عقيدتهم وخطّهم الفكري والعملي في الحياة ،لينسجم مع جوّ العائلة المالكة الكبيرة التي تريد الإبقاء على وحدتها في الموقف والانتماء ..لكنه رد على المحاولة ،بقوة لا مهادنة فيها ولا مجاملة ،لأن المسألة تتصل بالعقيدة الحقّة ،الأمر الذي يجعل الموقف جهاداً في سبيل جرّهم إليه .