{وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فالدعاء يمثل في عمقه عبادة ،ويتضمن في معناه خضوعاً وشعوراً بالفقر المطلق والحاجة الكبيرة إلى الله ،ما يجعل الداعي مشدوداً إلى الله بالحب والإيمان والإخلاص من موقع الطهارة الروحية والانفتاح الفعلي على الله ،ولهذا كانت الاستجابة أمراً طبيعياً في ما يرحم الله به عباده ،وفي ما يتقبله من عبادتهم الخالصة الخاشعة ،وهذا هو الخط المستمر الذي يصل الله بعباده ويؤكد وعي الإنسان معنى ألوهية الله وعلاقتها بعبوديته ،في إحساسٍ بالفقر المطلق ،أمام الغنى المطلق ،حيث يرتبط العبد بربه من خلال ارتباط وجوده وكل حاجاته به .وبذلك يؤمّن الله للعباد حاجاتهم من خلال ما يقدّره لهم في تكوين الوجود ،ومن خلال الدعاء في ما قدّره لهم في إرادته .
..وإذا كان الدعاء هو مظهر العبادة ،فإن الذين يمتنعون عنه يمثلون النموذج الذي يستكبر عن عبادة الله ،وقد حدثنا الله عما ينتظرهم{إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين} أذلّة ،لأن الاستكبار لا بد من أن يقابله الإذلال والسقوط والاحتقار .