{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنَا} فيميلون إلى الباطل ،ويحرِّفون الكلم عن مواضعه ،وينكرون دلالات الآيات التكوينية وما توحي به من وحدانية الله ،ويرفضون الوحي النازل من الله في تفاصيل آياته ،من دون حجةٍ أو برهانٍ ،نتيجة الاستكبار الذي يدفعهم إلى جحود الحق ،والعصبية التي تدفعهم إلى مقاومته{لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} فهم مكشوفون لنا بكل أفعالهم وأقوالهم ،في ما يكفرون وفي ما يشركون ،وسنعاملهم في الآخرة بما يتناسب مع أعمالهم في الدنيا ،فهم عندما خُيّروا في الدنيا بين الجنة والنار ،اختاروا النار على الجنة ،استجابة لمنطق الواقع الذي كانوا خاضعين له ،ولم ينتبهوا إلى السرّ الكامن في مسألة الاختيار .
{أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ} بسبب كفره ،فيعيش الخوف والعذاب والذل ،{خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} لأنه آمن بالله وعمل صالحاً فاستطاع أن يحصل على أسباب الأمن الذي جعله الله للمؤمنين ،وذلك هو الخيار الذي يلزم الناس كلّهم باتخاذه أمام كلمة الله ،ليعرفوا موقع التفاضل الذي يؤدي بهم إلى النهاية المحتومة .
{اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ} من السيّئات ،فلن تُعجزوا الله في شيءٍ ،ولن يخفى على الله منكم شيءٌ ،{إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فهو الذي يحيط بكم من بين أيديكم ومن خلفكم ،ولا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء .